أخر الاخبار

مدخل حول دراسة شعر الحماسة، عند المتنبي

مدخل حول دراسة شعر الحماسة، عند المتنبي

 

مدخل إلى دراسة شعر الحماسة : المتنبي نموذجا

إعداد الأستاذ عمار بلخضرة

في معنى الحماسة:

الشعر على اختلاف معانيه وأصوله ومبانيه ينقسم إلى نعوت وأوصاف. فما وُصف به الإنسان من حسب وكرم وطيب سُمّي مدحا وفخرا، وما أُثني عليه بشيء من ذلك ميّتا سُمّي رثاء وتأبينا، وما وُصف النّساء من حسب وجمال وغرام بهنّ سُمّي غزلا ونسيبا، وما وُصف به من بخل وجُبن وسُوء خُلُق ونميمة سُمّي هجاء، وما وُصف به من شجاعة وشدّة في الحرب والصّبر في مواطنها سُمّي حماسة وبسالة.
والحماسة كما يرى " الشيخ أبو علي أحمد بن محمد الحسن المرزوقي الأصفهاني "  : الشّجاعة ، والفعل منها حمس ، ورجل أحمس ، وكانت العرب تسمّي قريشا حمسا لتشدّدهم في أحوالهم دينا ودنيا .
وقال "الدّريدي "  : حمس الشّرّ : اشتدّ ، والحُمس قريش وكنانة وخزاعة تحمّسوا في دينهم ، وبنو حماس قبيلة من العرب .
وجاء في " المعجم الوسيط "  : حمس اشتدّ وصلُب  في الدّين والقتال ، فهو حمس وأحمس وهم حُمس ، والحمس الأمكنة الصّلبة ، والحماسة الشّجاعة والأحمس الشّجاع . 
وعموما فإنّ مفهوم الحماسة يكاد ينحصر في الدّلالة على الشّجاعة بشكل عامّ ، والشّجاعة الحربيّة بشكل خاصّ بما تقتضيه الحرب من استعداد للقتال حمل ملخص الدرس من هنا انتصارا لقيمة أو لشرف أو لديانة . وقد كانت العرب تتشدّد في الدّفاع عن آرائها وأعراضها وعقائدها  ، وقد تجلّى ذلك في أشعارهم  في أغراض المدح والفخر و الرثاء والهجاء . وكثيرا ما كانوا يتفاخرون بما أنجزته قبائلهم من انتصارات، فاستعرضوا تفاصيل الوقائع وصمود جيوشهم وسحقهم للأعداء في لغة لا تخلو من مفاخرة ونشوة . وإذن فقد حفل شعر الحماسة بموضوعات الحرب والشّجاعة وما يتعلّق بمعانيها ، وساهم بدوره في حفز الهمم والتّشجيع على الحروب والقتال دفاعا عن القيم الأصيلة الّتي يجب غرسها في نفوس النّاس والجمهور الّذي يتمثّل بالشّعر باعتباره ديوان العرب .   

أبو الطيّب المتنبي: مسيرة شاعر.

يُعدّ كلّ شيء في المتنبي فريدا في بابه، فهو من ميلاده إلى موته عاش حياة عريضة أشبه ما تكون بقصّة محكمة مثيرة للخيال ، وقادرة على التجوّل في كلّ العصور ، وهو في ضوء هذا يكون أنموذجا متفرّدا بين الشعراء ، ذلك أنّه خرج يطلب بالشّعر المُلك فكان أن أصبح ملكا على الشعر لا ملكا على النّاس . ومن هنا عاش المتنبي بين التوتّر و السّجن والخطر والكيد والهجرة، فقد جرّ عليه الشعر الكثير، وكان فيما جرّه القتل البائس الحزين، ولكنّه عرف كيف يقوم من الموت، ثمّ يتجوّل في كلّ العصور، لا كالنّسيم على عادة الكثير من الشعراء ، ولكن كالعواصف الّتي لا تتمسّح بأشجار الكون بل تقتلعها اقتلاعا .
المهمّ أنّه ظلّ دائما يخلق حوله أعداء وأنصارا، ذلك لأنّه عرف كيف يُوائم بين نفسه المُحتدمة وبين ثقافة عصره التي كانت مزيجا ذكيا من عدّة حضارات ولأنّه عرف كيف يُفيد من هذا كلّه، بحيث أنّه من خلال شعره قد تفجّرت عبقريّة اللّغة العربيّة ووصلت إلى المدى الأقصى الّذي يمكن أن تُقدّمه اللغة ، بل يمكن القول إنّه عرف كيف يُخاطب القارئ العربيّ بالطريقة التي ترضيها مسيرة الحضارة في مُجملها ، والّتي نعني بها اليساطة والحيويّة .
فالرّجل قبل الوصول إلى سيف الدّولة كان قد ملأ الجو حوله ضجة بحيث انعقدت الأبصار عليه      وحين تغنى عند  سيف الدولة بالروميات و بالأمجاد العربية وصل الى القمة في مصر و المناخ غير المناخ وصل الى قمة تختلف طبيعتها عن القمة الأولى ، وفي فارس وصل الى قمة رابعة تخالف عن الأولى و الثانية و الثالثة . فهو في الأولى كان يجرب باقتدار وهو في الثانية قد سكر بالمجد الذ وصل اليه وهو في الثالثة كانت عيناه على الامل الذي وعد به، وهو في الأخيرة رغب في أن يغني غناء صافيا للحياة وأن ينتمي إليه العالم لا أن ينتمي الى رجال في هذا العالم، ولكنه لم يكمل أغنيته فقد قتل وهو قادر على العطاء. وأخيرا فإنه إذا كان قد قال الشعر على قدر البقاع فإنه يمكن القول إن الشعر على قدر النفس . ومهما يكن من شيء فقد كانت عظمة المتنبي في أنه لم يلبس لكل حال لبوسها وفي أنه جسّد ثلاثة أشياء هي عذابه و هي عذاب أمته وهي عبقريّة لغته.  

سرّ خلود المتنبي: 

لقد كان هناك من تعرّض لمراحل خلود المتنبي، فذكر أنّ السبب في ذلك يرجع إلى أنّه أقوى الشعراء انفعالا وأحدّهم عاطفة وأنّه أبعدهم تفكيرا وأشدّهم رأيا ، وأنّه أكثرهم ضربا للحكمة والمثل . بالإضافة إلى أنّه أشدّهم اتّصالا بالنفس الإنسانيّة في كافة حالاتها. وهناك من أرجع عوامل خلوده إلى غزله بالأعرابيات، وغلبة التشاؤم والحزن على شعره والغناء الحارّ للبطولة أو ضرب الحكم والأمثال . بالإضافة إلى حُسن تعبيره عن طموحه واعتزازه بنفسه. ونحن بدورنا نُرجع هذه العوامل إلى أنّه كان ثائرا يعرف عصره ضعفا وقوّة ويغترب عنه أو في الوقت نفسه كان يعرف قدراته ويُعلي من قيمة الشعر ، يتعامل مع غير العاديّ ويُحسن التّعبير عن قضايا إنسانية كبيرة متجدّدة . وإن نحن بحثنا في إبداعيّة المتنبي وجدناها تكمن في أمور ثلاثة : أوّلها الإبقاء على الغرض ( المحافظة على الأغراض التقليدية ) وثانيها الإبقاء على النّسق ( المحافظة على طرائق القول ضمن مدوّنة الشعر العربقة ) وثالثها الابتداع  داخل النّسق بخلق المُفاجأة داخل النص
للإطلاع علي تلخيص محور شعر الحماسة اضغط هنا

الشكر و كل الشكر للأستاذ عمار بلخضرة الذي لم يقتصر اي جهد 
لمساعدة تلاميذ البكالوريا، ادامه الله.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -